قرأ “ابن كثير الدمشقي” كتاب “المختصر الصغير في أصول الفقه” للعلامة المتقن المحقق جمال الدين أبي عمرو عثمان بن عمر المالكي، المعروف بابن الحاجب رحمه الله تعالى، ووجد أنه كتاب نفيس جدًّا في هذا الفن، ووجد أيضًا أن فيه أحاديث جمة لا يُسْتَغني من قرأه عن معرفتها، ولا تتم فائدة الكتاب إلا بمعرفة سَقَمها من صحتها، فأحبب أن يجمعها كلها والآثار الواقعة فيه معها على حدة، وأن يعزو ما يمكن عزوه منها إلى الكتب الستة: البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، أو إلى بعضها، أو إلى غيرها، إن لم يكن في شيء منها. فما كان في البخاري ومسلم معًا، أو في أحدهما، اكتفى بعزوه إليهما، أو إلى أحدهما وإن كان مع ذلك في كتب السنن. وإن لم يكن فيهما ولا في أحدهما وهو في السنن الأربعة قال: رواه الأربعة، وإلا بَيَّن من رواه منهم. وما لم يكن في شيء من الكتب الستة المذكورة، ذكر مَن رواه من غيرهم، وقد يذكر سند الحديث؛ ليُعرف حال صحته من سقمه، وما لا يُعْرَف له سند بالكلية كقليل من أحاديث الكتاب سأل عنه مشايخه في الحديث ونبَّه عليه، والكلام في الآثار كالأحاديث سواء، وجعل ذلك كله مرتبًا بحسب وقوعه في الكتاب أولًا فأولًا. ومتى كرر المصنف حديثًا أو أثرًا في موضعين أو مواضع، تكلم عليه أول مرة ونبَّه على ما عداها، ثم إنْ ذكر المصنف حديثًا ليس هو في شيء من هذه الكتب الستة بذلك اللفظ الذي أورده نبَّه على ذلك، وذكر أقرب الألفاظ إلى لفظه.