حفظ “ابن كثير الدمشقي” كتاب (التنبيه في الفقه) للشيخ أبي إسحاق الشيرازي رحمه الله، وقال إنه من الكتب المشهورة النافعة، لذا رأى أن الفائدة لا تتم بدون معرفة أدلته، فاستخار الله تعالى في جمع أحكام على أبوابه ومسائله أولًا فأولًا، فعلَّقَ مسودة في ذلك، ثم انتخب منها هذا المختصر، وشرطه فيه أن يذكر دليل المسألة من حديث أو أثر يُحْتَجُّ به، ويعزو ذلك إلى الكتب الستة، كالبخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، أو غيرها، فإنْ كان الحديث في الصحيحين، أو أحدهما، اكتفى بعزوه إليهما، أو إلى أحدهما، وإلا ذكر مَن رواه من أهل الكتب المشهورة، وبيَّن صحته من سقمه. ولا يذكر جميع ما ورد في المسألة من الأحاديث خشية الإطالة، بل إنْ كان الحديث أو الأثر وافيًا بالدلالة على المسألة، اكتفى به، عما عداه، وإلا عطف عليه ما يقوي سنده أو معناه، وإذا أطلق المصنِّف أبو إسحاق الشيرازي الخلاف في المسألة، قدَّم ابن كثير دليل الصحيح عند الشافعيين، وثنى بدلالة الآخر للفائدة، ولم يتعرض لدليل قول، أو وجه في مسألة لم يحكه المصنف أبو إسحاق الشيرازي إلا أن يكون هو الصواب، أو الراجح، وقد ينبه على وجه الدلالة من الحديث إن كان فيها غموض.