يمتاز هذا الكتاب بأسلوب جميل، يستقطب اهتمام المتعلم، ويشد إليه شوارد ذهنه، فيعرض الأفكار بطريقة تحليلية مستندًا إلى الحوار المحكم. والكتاب في علل النحو خاصة، فكان يحتج له ويذكر أسراره، ويكشف عن المستغلق من لطائفه وغوامضه. وأسلوب “ابن الوراق” يقوم على الجدل والمناظرة وعرض البراهين المختلفة لآراء النحويين كافة، ويعتمد في معالجته للأفكار طريقة السؤال واجواب، فإذا لم يجد سائلًا يسأله تخيله تخيلًا أو ألقى السؤال على نفسه، ثم يتولى الإجابة عنه. وطريقة عرضه لمسائل النحو، وإيراده آراء النحاة المختلفة، وذكر ما ورد عليها من اعتراضات، وما يقدم من الأدلة والبراهين، مما يجعل المتعلم تواقًا لاستكشاف أسرار هذا العلم الذي لا يتأتى إلا بعد إعمال الفكر، وكدّ القريحة، والغوص إلى دور المعاني لاستخلاصها من مكامنها في أعماق العقل. يبدأ “ابن الرواق” بذكر السؤال، ثم يورد الأجوبة على ذلك، وهو هنا يتخيل شخصًا يسأله، فيقول “إن قال قائل”. وهذه السمة بارزة في منهجه، وكاد يكون الكتاب أسئلة وأجوبة، شخص يسأل وآخر يجيب. ويذكر “ابن الوراق” الوجوه المحتملة في المسألة النحوية، ويعددها بقوله: “هذا يفسر من وجهين”، أو “لأمرين”، أو “على ضربين”، أو “لوجهين”، وخلاف ذلك. يذكر “ابن الوراق” أقوال العلماء في المسائل التي يوردها، ويرجّح أجودها وأحسنها، فسبيله في هذا خو عرض الخلافات بين النحويين سواء أكانوا بصريين أم كوفيين، ثم يأخذ بأجودها حسب ما يراه. و”ابن الوراق” كثير الإحالة عندما تعرض له مسائل متشابهة، يحيل على ما تقدم عرضه من المسائل، ويتحاشى التكرار، وهدفه في ذلك الإيجار والاختصار. يحاول “ابن الوراق” أن يذكر المسائل النحوية في أبوابها ويتحاشى ذكرها في غير موضعها. يشرح “ابن الوراق” أحينًا بعض الألفاظ شرحًا لغويًّا، ليزيد المسألة النحوية دقة ووضوحًا. قسّم “ابن الوراق” الكتاب على أبواب بلغت ثمانية وخمسين بابًا، وذكر فصلين، فصلًا بعد باب “التصغير”، وفصلًا بعد باب “حروف القسم التي يُجر بها”. يعتمد منهج “ابن الوراق” في الكتاب على التأويل والتعليل، فهو يمهد لكل مسألة من المسائل النحوية بسؤال يفترضه هو ثم يذكر ما خطر بباله من تأويلات وتعليلات، وأحيانًا يذهب إلى أبعد من ذلك، فيفترض افتراضات جدلية متداخلة. يؤثر “ابن الوراق” أن تكون تراجم أبواب الكتاب واضحة في إيجاز، فلم يصطنع لها العناوين المطولة أو الخفية. وفي هذا النهج سلك طريق التيسير والسهولة والوضوح، خلافًا لما نراه من عنوانات في كتب النحو القديمة: ككتاب سيبويه، والمقتضب للمبرد. يذكر “ابن الوراق” في كثير من الأحيان التمرينات النظرية والجمل التي لا يصح القول بها.