كتاب تحبير الوريقات بشرح الثلاثيات لوليد بن صبحي الصعيدي PDF يقول مصنِّفه “وليد بن صبحي الصعيدي” في مقدمته: “هذه ثلاثيات البخاري، والذي علا فيها بسنده إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فهي كواكب أسانيده العالية، وقد حظيت بالاهتمام من أهل العلم في القديم والحديث حتى أفردوها بالتصنيف، ومن الطريف أن الثلاثيات في الكتب الستة -خاصةً- ليس لها انتشار حيث أن أصحابها لم يتمكنوا من لقيا كبار الشيوخ، وقد كان أسنهم الإمام العلم الإمام البخاري، لذلك فإن مصنفه هو الذي احتوى على أكثر عدد من بين الكتب الستة، ففيه اثنان وعشرون حديثًا ثلاثيًّا، يليه في العدد سنن ابن ماجة، فقد وقفت على ثلاثة أحاديث كلها من طريق جبارة ابن المغلس، ولم يصح منهم إلا واحد صححه الشيخ الألباني، ثم تلا ذلك من كتب السنة سنن الترمذى ففيه حديثُ واحد. ثم ليس ثمت ثلاثيٍّ في بقية الستة. فليس عند مسلم ولا أبي داود ولا النسائي من ذلك شيء كما ذكر أبو العلا المباركفورى فى تحفة الأحوذى. وقد مَنَّ الله علينا بسماع هذه الأحاديث بالسند المتصل إلى الإمام البخاري ثم بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك عن فضيلة الشيخ وحيد عبد السلام بالي حفظه الله بدايةً، ثم عن فضيلة الشيخ صلاح عبد الموجود حفظه الله. ولما كان المقصدُ من وراء العلم الفهم ثم تطبيق ما تعلمه العبد دون روايته فقط، لذلك لم يكن من المسَلَّم أن نكتفيَ برواية الأحاديث دون فهمٍ منا لما فيها من مسائل قَصَدها الشرعُ، وفى ذلك يقول السيوطي فى التدريب: “لا ينبغي للطالب أن يقتصر من الحديث على سماعه دون معرفته وفهمه فيكون قد أتعب نفسه من غير أن يظفر بطائل”. ومَن فعل ذلك كان كمن ينبذ الكتاب وراء ظهره. فأردت أن أقف لنفسي أولًا ولإخواني بعد ذلك -لمن أراد -مع ما تحتويه هذه الأحاديث من ثمارٍ يانعة، ودررٍ لائحة، فإن الوحي نور، نستضيء به فى دياجير الشبهات والشبه، وأيضًا حتى لا نكون كمن أقام الحجة على نفسه، ثم إذا أقبلنا على الله سبحانه قيل لنا: “فبما كسبت أيديكم”. وإنما قمت بهذا العمل حفاظًا على مسموعاتى، وما تحملته من أمانة، مرةً بالنظر ومرةً بالترتيب، ومرةً باستخراج الفوائد، وحفزني على هذا العمل سلفنا رحمة الله عليهم واهتمامهم بمروياتهم ومسموعاتهم، وكان آخر ما وقفت عليه ما سطره الحافظ ابن حجر فى جزءٍ لطيف له بعنوان: “الأحاديث العشرة الاختيارية العُشَارية الأسانيد”، فقال رحمه الله: “وأما هذه الأحاديث، وإن كان فيها قصور عن مرتبة الصحاح، فقد تحريت فيها جهدي، وانتقيتها من مجموع ما عندي، وبينت علة كل حديث بعقبه، وأوضحت ما فيه للمنتبه”. فقلت ليكن لي فيهم أسوة، وإن لم أبلغ قلامة ظُفر أحدهم، وكان هذا هو الداعي الأول، أما الداعي الثانى: فإننا نتعلم لنعمل، ولا سبيل للعمل إلا بعد الفهم، قال عمرو بن قيس المُلائي كما فى الحلية: “إذا بلغك شيء من الخبر فاعمل به ولو مرة تكن من أهله”، ثم نتعلم لنُبَلِّغ ولا نكتمه. قال النووي فى التقريب: “فإن كتمانه لؤمٌ يقع فيه جهلة الطلبة فيخاف على كاتمه عدم الانتفاع، فإن من بركة الحديث إفادته ونشره يُمْن”.. ولا أدّعي فى ذلك أني جئت بجديد، أو وقفت على ما لم يقف عليه أحد، ولا أدّعي أني انتحلت هذا من عندي، ولكنها ثمار اجتنيتها من بساتين القوم وليس لي فيها كبير جهد إلا الترتيب، فلا أنسب من ذلك شيء إلى نفسي، متذكرًا كلام ابن المقفع فى الأدب الكبير: “إن سمعتَ من صاحبك كلامًا أو رأيت منه رأيًا يعجبك فلا تنتحله تزينًا به عند الناس. واكتفِ من التزين بأن تجتني الصواب إذا سمعته، وتنسبه إلى صاحبه. واعلم أن انتحالك ذلك مسخطةٌ لصاحبك، وأن فيه مع ذلك عارًا وسخفًا”. فأنا أربأ بنفسي عن السخافة والعار.. وقد جاء هذا الشرح فى ثلاثة أبواب: الباب الأول: مباحث بين يدي البحث كتوطئة له. الباب الثاني: شرح الثلاثيات حسب مسند كل صحابيّ. الباب الثالث: روايات لها علاقة بالثلاثيات عند البخاري في صحيحه وفي كتابه الأدب المفرد. ثم الخاتمة، سائلًا الله عز وجل أن يختم لنا بخير..”.