اهتم اللغويون الأقدمون بموضوع الإنسان فألفوا في أسماء أعضائه، وتبينوا الأحوال والصفات المختلفة التي تعتري هذه الأعضاء. واهتمامهم بالإنسان على هذا النحو من التأليف اللغوي يشبه اهتمامهم بالحيوان، وربما سبقت عنايتهم بالحيوان -على اختلاف أنواعه في هذا النوع من التأليف- اهتمامهم بالإنسان. فقد ألفوا في الحشرات، وتتناول هذه طائفة كبيرة منها كالنمل والذباب والعنكبوت والجراد والبعوض، كما ألفوا في الخيل والإبل والوحوش. وكتب التراجم تشير إلى العدد العديد مما كُتب في هذه الموضوعات. وقد كتب الكثيرون من الأعلام في خلق الإنسان، إلا أنه لم يبق من هذه المصنفات إلا القليل، وأولها خلق الإنسان للأصمعي الذي ينقسم ثلاثة أقسام: مقدمة عرض فيها لمسائل عامة كالولادة والحمل والسن، ثم عرض للموضوع نفسه فتناول الوصف العام للإنسان، ثم فصّل في أجزائه مبتدئًا بالرأس حتى انتهى إلى القدم، مشيرًا إلى صفات الأعضاء، ثم ختم موضوعه بخاتمة عرض فيها للأوصاف الخَلْقية والخُلُقية العامة، وأكثر فيه من الشواهد الشعرية والأمثال، ولم يغفل التنبيه على المذكر والمؤنث، والمفرد والجمع، واختلاف اللفظ الذي يُطلق على العضو الواحد باختلاف الحيوان. أما صاحبنا الزجاج، فقد أفاد من الأصمعي كما أفاد من غيره، غير أنه لم يهتم كالأصمعي بالشواهد الشعرية الكثيرة، وقصر كتابه على موضوع خلق لإنسان فذكر الأبواب التي أغفلها الأصمعي وهي: باب الأذن وصفاتها، وباب الاست، وباب الفرج كما جاء بفوائد أخرى لم تكن في كتاب الأصمعي.