بدأ “أبو الحسن علي بن عيسى الرماني” هذا الكتاب بالحروف الأحادية، ثم ثنَّى بالثنائية، ثم تحدث عن الثلاثية فالرباعية، وقد أورد “الرماني” هذه الحروف في سلك لا يخضع لنظرة ذات اتجاه منظم. و”الرماني” في حديثه عن الحروف يذكر الحروف ويبين أعامل هو أم هامل؟ ثم يورد الاستعمالات المختلفة مبنية على أقوال النحاة. وما حكى عن أئمتهم كالخليل وسيبويه، والمازني، والمبرد، وعلي بن سليمان الأخفش، وقد يكتفي بإيراد ما يقول هؤلاء الأئمة دون تعليق عليها حينًا، وقد يعقبها بتعليق، أو تفنيد، أو تفسير، او اعتراض أو ترجيح، وحينئذ تبرز شخصيته في وضوح. وهو غالبًا يعتمد ما يقوله “سيبويه”، ويخالف” الكسائي” و”الفراء”، وقد يستشهد بـ”ابن جني” و”الربعي”. وترى في الكتاب قواعد عامة تعد أصولًا نحوية: كأن يقول: “المضمر يرد الأشياء إلى أصولها في غالب الأمر”. و”الرماني” في كتابه “معاني الحروف” هذا يعرض آراء البصريين والكوفيين، وقد يسردها سردًا لا تعليق فيه ولا تعقيب، فلا تكاد عندئذ تتبين مذهبه النحوي. ويمزج “الرماني” كلامه في النحو بما يتصل بعلم المعاني، فقد ذكر أن الهمزة تكون للإنكار والتوبيخ والاسترشاد، وتقرييره الخبرية في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [سورة الحج: آية 63]. و”الرماني” يؤيد ما يذهب إليه بالصحيح من الشواهد: القرآن الكريم، والشعر العربي، والحديث الشريف، كما أورد بيتًا لبعض المولدين، وعلَّق على قوله بالقبح. وتجد إشارات إلى لهجات القبائل في قلة يذكرها في معرض الحديث عن الاستعمالات المختلفة للأحرف، كإشارات إلى لهجة هذيل، والحرث بن كعب، والتميميين والحجازيين. كما يتعرض لرسم المصحف ويحتج به.