يقول مُصَنِّف الكتاب “فهد بن بادي المرشدي” في مقدمته: “لما كان عقد النكاح فيه خطورة ويحتاج إلى قدر كبير من المعرفة بمصالح النكاح ومضاره، ويفتقر إلى التروي والبحث والمشاورة، وكانت المرأة قريبة النظر والفكر، لا تستطيع أن تُميز الخاطب الكفء من غيره، وقد يُغرر بها في ذلك، من أجل ذلك كله شرع الإسلام ولاية التزويج، وهي من أدق أنواع الولايات، لأن آثارها لا تقف عند المولَّى عليه فقط، بل تتعداه إلى غيره وهو الإنسان الذي ارتضاه زوجًا له، وما ينتج عن هذه العلاقة من آثار بعيدة المدى بالنسبة للأفراد والجماعات، لذلك اعتنى المشرع الحكيم بهذه النوع من الولاية، وجعل هذه الولاية ملزمة إذا كان المزوج هو الأب أو الجد، لأن كمال شفقتهما داعية إلى السعي وراء مصلحتهن وعدم قصد الإشرار بهن، وجعلها غير ملزمة بالنسبة لغيرهما من الأولياء. ولأن الولي قد يصيبه ما يُسلبه النظر والبحث عن حال الزوج، كالجنون والإغماء والأسقام والآلام التي تشغله عن النظر ومعرفة المصلحة، وقد يسافر فتطول غيبته ولا يمكن الاتصال به، أو مراسلته أو يُجهل مكانه، وتحتاج المرأة في هذه الأحوال إلى مَن ينظر لها ويبحث عن الزوج الكفء. وفي بعض الأحيان يكون الولي ظالمًا فيفرض على ابنته مَن لا ترتضيه من الأزواج أو يمنعها ممن ترضاه من الأكفاء، مستغلًّا حياءها الذي يمنعها من إبداء رأيها أو الاعتراض على قرار والدها. وفي كل تلك الأحوال يُحتاج إلى النظر في ثبوت ولاية الولي أو عدم ثبوتها، وإذا قيل بسقوطها وعدم ثبوتها فيُحتاج إلى معرفة مَن تنتقل إليه هذه الولاية. وهذا ما اشتمل عليه هذا البحث..”.