كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ PDF يقول مصنِّفه “السمين الحلبي” في مقدمته: “إِنَّ علومَ القرآنِ جمَّةٌ، ومعرفتَها مؤكَّدةٌ مهمَّةٌ. ومن جُملتِها المحتاجُ إِليها، والمعوَّلُ في فهمهِ عليها، مدلولاتُ ألفاظهِ الشريفةِ، ومعرفةُ معانيهِ اللطيفة؛ إِذ بذلك يُترقَّى إِلى معرفةِ أحكامهِ، وبَيانِ حلالِه وحرامِه، ومناصي أقوالِه، وإِشارة مواعظهِ وأمثالهِ. فإنَّه نزلَ بأشرفِ لغةٍ؛ لغة العرب المحتويةِ على كلِّ فنٍّ من العجب. وقد وضعَ أهلُ العلمِ، رحمهم اللهُ تعالى، في ذلك تصانيفَ حسنةُ، وتآليفَ مُجرَّدةً مُتْقنةً، كغريبِ الإمام الحَبْر الرّبانيِّ أبي عبيدٍ أحمدَ بنِ الهَرويّ، وكغريبِ محمدِ بنِ بكر بنِ عُزَيزٍ السِّجستانيّ، وكمفرداتِ الألفاظِ لأبي القاسم، الراغب الأصبهانيّ. غير أنَّهم لم...
كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ PDF يقول مصنِّفه “السمين الحلبي” في مقدمته: “إِنَّ علومَ القرآنِ جمَّةٌ، ومعرفتَها مؤكَّدةٌ مهمَّةٌ. ومن جُملتِها المحتاجُ إِليها، والمعوَّلُ في فهمهِ عليها، مدلولاتُ ألفاظهِ الشريفةِ، ومعرفةُ معانيهِ اللطيفة؛ إِذ بذلك يُترقَّى إِلى معرفةِ أحكامهِ، وبَيانِ حلالِه وحرامِه، ومناصي أقوالِه، وإِشارة مواعظهِ وأمثالهِ. فإنَّه نزلَ بأشرفِ لغةٍ؛ لغة العرب المحتويةِ على كلِّ فنٍّ من العجب. وقد وضعَ أهلُ العلمِ، رحمهم اللهُ تعالى، في ذلك تصانيفَ حسنةُ، وتآليفَ مُجرَّدةً مُتْقنةً، كغريبِ الإمام الحَبْر الرّبانيِّ أبي عبيدٍ أحمدَ بنِ الهَرويّ، وكغريبِ محمدِ بنِ بكر بنِ عُزَيزٍ السِّجستانيّ، وكمفرداتِ الألفاظِ لأبي القاسم، الراغب الأصبهانيّ. غير أنَّهم لم يُتمُّوا المقصود من ذلك لاختصارِ عباراتِهم، وإيجازِ إِشاراتهم. على أن الراغبَ، رحمه الله قد وسَّعَ مجالَه، وبَسطَ مقالَه بالنسبةِ إِلى مَن تقدَّمَه، وحَذا بهذا الحَذوِ رسمه. غيرَ أنَّه، رحمه اللهُ تعالى، قد أغفلَ في كتابِه ألفاظًا كثيرةً، لم يتكلّمْ عليها، ولا أشارَ في تصنيفِهِ إليها، مع شدَّةِ الحاجة إلى معرفتها، وشرح مَعناها ولُغتِها، مع ذكرِه لبعضِ مواد لم تَردْ في القرآنِ الكريم، أو وَردتْ في قراءةٍ شاذَّةٍ جدًّا، كمادَّةِ (ب ظ ر) في قوله تعالى: {واللهُ أخرجَكُم مِن بُظورِ أمَّهاتِكم} [سورة النحل: آية 78]، وهذه لا يَنْبغي أن يُقرأ بها البتَّةَ. فممَّا تركَه، معَ الاحتياجِ الكليِّ إِليه، مادةُ (ز ب ن) وهي في قولهِ تعالى: {سَندْعُ الزَّبانيةَ} [سورة العَلق: آية 18]. ومادةِ (غ وط) وهي في قوله تعالى: {مِنَ الغائطِ} [سورة المائدة: آية 6] ومادةِ (ق ر ش) وهي في قولهِ تعالى: {لإيلافِ قريشٍ} [سورة قريش: آية 1]. ومادة (ك ل ح) وهي في قولهِ تعالى: {كالِحُون} [سورة المؤمنون: آية 104]. ومادةِ (هـ ل ع) وهي في قولهِ تعالى: {هلوعًا} [سورة المعارج: آية 19]. ومادة (ل ج أ) وهي في قوله تعالى: {لو يجدونَ مَلجَأً} [سورة التوبة: آية 57]. ومادةِ (س ر د ق) وهي في قولهِ تعالى: {أحاطَ بِهم سُرادِقُها} [سورة الكهف: آية 29]. ومادةِ (ح ص ب) وهي في قولهِ تعالى: {حَصَبُ جَهنَّمَ} [سورة الأنبياء: آية 98]، {حاصبًا} [سورة الإسراء: آية 68]. ومادةِ (م ر ت) وهي في قولهِ تعالى: {وماروت} [سورة البقرة: آية 102]. ومادةِ (س ف ح) في قوله تعالى: {أو دمًا مسفوحًا} [سورة الأنعام: آية 145]. ومادةِ (ن ض خ) وهي في قولهِ تعالى: {عينانِ نضَّاخَتَانِ} [سورة الرحمن: آية 66]. ومادةِ (ق د و) وهي مذكورةٌ في قولهِ تعالى: {مُقتدون} [سورة الزخرف: آية 23]، {فَبِهُداهُم اقْتدِه} [سورة الأنعام: آية 90]. إِلى غير ذلك ممَّا لستُ بصددِهِ الآنَ. ولم أورِدْ ذلك -عَلِمَ اللهُ- غضًّا منهُ، ولا استقصارًا له؛ فإِنَّ القرآن العظيمَ مُعجِزُ كلِّ بَليغٍ. وإِنما قصدتُ التَّنبيه على ذلكَ، ومعرفةَ ما هنالك. فلما رأيتُ الأمرَ على ما وُصفَ، والحالَ كما عُرف، ورأيتُ بعضَ المفسِّرين قد يفسِّرُ اللفظةَ بما جُعلتْ كنايةً عنهُ، كقولِهم في قولهِ تعالى: {والشجرةَ الملعونةَ} [سورة الإسراء: آية 17]. هي أبو جهلٍ. أو بغايتها وقُصارَى أمرِها، وكقولهم في قوله تعالى: {والباقياتُ الصالحاتُ} [سورة الكهف: آية 46] هي كلماتُ: سبحانَ اللهِ، والحمد لله، ولا إِلهَ إَلا اللهُ، إلى غير ذلك مما ليستْ موضوعةً له لغةً. استخرتُ اللهَ القويَّ، الذي ما نَدمَ مُستخيرُهُ، واستجرْتٌ اللهَ بكرمهِ، الذي ما خابَ مستجيرُه، في أن أحذُوا حذْوَ القومِ ليتُمَّ عليَّ بركتَهم، وأُلحقَ بالحشرِ في زُمرتِهم. فأذكرُ المادةَ -كما ستَعرفُ ترتِيبَهُ- مفسِّرًا معناها. وإن عثرتُ على شاهدٍ من نظمٍ أو نثرٍ أتيتُ له تكميلًا للفائدة. وإِن كان في تصريفها بعضُ غموض أوضحته بعبارةٍ سهلة إِن شاءَ الله. وإِن ذكرَ أهلُ التفسيرِ اللفظة وفسَّروها بغيرِ موضوعِها اللغويِّ، كما قدَّمتُه، تعرَّضتُ إليهِ أيضًا، لأنه والحالةُ هذهِ محطُّ الفائدة. ورتَّبتُ هذا الموضوعَ على حروفِ المعجمِ بترتيبها الموجودة هي عليهِ الآنَ. فأذكرُ الحرفَ الذي هو أولُ الكلمةِ، معَ ما بعدَه من حروفِ المعجم، إِلى أن ينتهي ذلك الحرف مع ما بعده، وهلمّ جرًّا إِلى أن تنتهي، إِن شاءَ الله تعالى، حروف المعجم جميعُها. ولا أعتمدُ إِلا على أصولِ الكلمةِ دونَ زوائدِها؛ فلو صُدِّرتْ بحرفٍ زائدٍ لم أعتبرْهُ، بل أعتبرُ ما بعدَه من الأصولِ مثلَ: (أنعمتَ) تطالُه من بابِ النونِ لا مِن باب الهمزةِ. ومثل: (نعبدُ) و(نَستعينُ) يُطلبانِ من بابِ العَينِ لا من بابِ النون. ومثل: (مُكرمٍ) يُطلبُ من بابِ الكافِ لا مِن بابِ الميم. وكذلك لو عَرضَ في المادةِ حذفُ أوَّلها فإِنَّني أعتمدُهُ دونَ ما بعدَه مثل: (يعدُهم) يُطلب من بابِ الواوِ لأنه من الوعدِ، لا منَ العينِ. وكذلك لو عَرضَ فيهِ البدلُ، فإِنني أعتبرُ أصلَه مثل: (إِيمان) من بابِ الهمزةِ لا من بابِ الياءِ، لأنَّها فيه عارضةٌ، إِذ أصلُه (إِإِمان) كما ستعرفُه لمن شدّ.. من علمٍ أسموهُ إِعرابًا وتصريفًا، فهو الذي.. وأما مَن عداهُ فلا ينتفعُ منهُ إلا بمجردِ تفسيرِ لفظٍ نحو مَعرفتهِ أنَّ (الأبَّ) هو المرعَى و(الزَّبانية) هم الأَعوانُ، إِلى نظائرِ ذلك. وإذا كان الحرفُ مُفردًا، وقد جاءَ لمعنى، كهمزةِ الاستفهامِ، وباءِ الجر ولامهِ، أبدأُ بهِ ثم أذكرُهُ مع غيرِه، إلى آخر الحروفِ كما قدَّمتهُ نحوَ: (أب، أبدًا). وسميتهُ بعمدةِ الحفاظِ في تفسيرِ أشرفِ الألفاظ. وعلى اللهِ الكريمِ أعتمدُ، وإليهِ أفوِّضُ أمري وأستندُ. فإِنه نعمَ المولى، ربُّ الآخرة والأُولى”.
من فضلك اضغط على اسم الناشر لتظهر لك روابط القراءة والتحميل