يقول مصنِّفه “محمد بن عبد الرحمن الخميس” في مقدمته: “إن كتاب (الفقه الأكبر) للإمام أبي حنيفة في مسائل أصول الدين، من الكتب المشتهرة التي اعتنى بها كثير من علماء الحنفية، شرحًا وتدريسًا وغير ذلك، واهتم به غيرهم من العلماء بعد أن ذاع صيته، ولم أقف على من شرحه شرحًا موافقًا لمذهب السلف، حيث إن عامة الشُرَّاح قد شرحوه بطريقة توافق طريقة المتكلمين، وقد اعتمد عليه علماء الحنفية وقرروا أنه عقيدة الإمام ويدل على ذلك كثرة شروحه، ثم إن هذا الكتاب معوّل عليه عند الماتريدية ومع ذلك خالفوا بعض مسائله، كما في عصمة الأنبياء وبعض مسائل الصفات وغيرها، فهو حجة عليهم ثم إن هذا الكتاب في جملته يوافق ما قرره الطحاوي في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة المشهور المنسوب إلى أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى. وراوي هذا الكتاب هو حماد بن أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، فهو ابن المصنف رحمه الله، وهو أدرى بمذهب أبيه من غيره، قال عنه ابن خلكان (إنه كان على مذهب أبيه، وإنه كان صالحًا خيرًا) وقد ضعَّفه بعض المحدثين في الرواية، ولكننا لا نقدح في روايته هذا الكتاب لملاصقته لأبيه، ولأن العلماء تناقلوا هذا الكتاب، فما رأينا فيه من مخالفة لما قرره الطحاوي في عقيدته، جزمنا أنه أُدْخِل فيه وليس من الكلام الإمام مثل ما جاء: (أن الله كلم موسى بكلامه الذي هو له صفة في الأزل، وهو يتكلم بلا آية ولا حرف) (ولفظنا بالقرآن مخلوق) (ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة) فكل هذا مما أحدثه المتأرخون بعد أبي حنيفة ولا يُعْرَف هذا في كلام السلف، فمنها ما يرجع إلى أن كلام الله معنى نفسي وأن القرآن الذي نقرؤه عبارة عن ذلك المعنى النفسي، وهذا مذهب أحدثه ابن كلاب، ومنها ما يرجع إلى بدعة التلفظ بالقرآن، وأول من أحدثها الكرابيسي في زمن الإمام أحمد بن حنبل، ومنها ما يرجع إلى شروط مخترَعة، توجب امتناع الرؤية، وهذا مما أحدثه أهل الكلام من الأشعرية والماتريدية فكل هذا مما أُدْخِل على هذا الكتاب، وما عدا ذلك فيظهر أنه كلام الإمام رحمه الله، أو من تخريج ولده حماد على كلامه. ومنهجي في إخراج هذا الكتاب ما يلي: 1- وضع عناوين جانبية تقسم الكتاب إلى فقرات. 2- وضع المتن في أعلى الصفحة. 3- شرح الكلمات الغامضة. 4- شرح المتن إجمالًا بطريقة مبسطة موافقة لمذهب السلف. 5- عزو الآيات إلى موضعها في القرآن. 6- تخريج الأحاديث النبوية مع بيان درجتها ما أمكن. 7- عمل خلاصة لكل فقرة مما يسهل الاستفاد منها. 8- وضع أسئلة للمناقشة وذلك لبيان مدى الاستفادة منها، ولكي يكون كتابًا مدرسيًّا يسهل تناوله للطلاب. وما كان فيه من حق فمن الله، وما كان سوى ذلك فمن نفسي واستغفر الله من كل ذنب. والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين”.